منتديات النور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات النور

لنشر ثقافة ومعارف وعلوم اهل البيت عليهم السلام
 
الرئيسيةالرئيسية  اليوميةاليومية  أحدث الصورأحدث الصور  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  الأعضاءالأعضاء  المجموعاتالمجموعات  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  رذيــــــــلة الوسوســـــة - السيد علي القاضي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
امير محمد




المساهمات : 187
تاريخ التسجيل : 20/04/2021

 رذيــــــــلة الوسوســـــة - السيد علي القاضي Empty
مُساهمةموضوع: رذيــــــــلة الوسوســـــة - السيد علي القاضي    رذيــــــــلة الوسوســـــة - السيد علي القاضي Emptyالإثنين مارس 21, 2022 9:17 am

اليـــوم سيكون الموضوع حول
رذيــــــــلة الوسوســـــة
بسم الله الرحمن الرحيم
صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته
السلام عليك يا مولاي الحجّة بن الحسن عجّل الله فرجه الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوسوسة ضد اليقين، وهي رذيلة أخلاقية كبيرة وتعد أكثر أهمية من رذيلة الجهل، وهي تفسد دنيا الإنسان وآخرته، وتؤدي به إلى التعاسة وسوء الحال، كم فرقت هذه الرذيلة من العوائل التي آل مصيرها إلى الطلاق والتعاسة وإلى العقد لدى الأبناء، وكم سببت من السقوط لكثير من افراد المجتمع وأدت إلى انزوائهم اجتماعياً .
سنستعرض ثلاثة أبحاث عن الوسوسة بصورة مختصرة:
أحدها: معنى الوسوسة وأقسامها.
الآخر: من أين تنشأ الوسوسة.
الآخير: كيف يجب معالجة هذه الرذيلة الخطرة.
ـ الالهام الرحماني:
للإنسان نوعان من الخواطر، نوع منها يرتبط بالله، وهو البعد الرحماني في الإنسان، ويقال لتلك الخواطر الالهامات الرحمانية أو الوحي، والأشخاص الذين علاقتهم بربهم، قوية ومحكمة يمتلكون الكثير من هذه الخواطر، أي ان الملائكة تلقي الحقيقة في قلب ذلك الشخص، وينمو الخطور في الذهن وبطريقة لا يشعر فيها بذلك ولا يرى الملائكة، ويمكننا القول ان للمؤمن إلهاماً استناداً إلى الروايات وإلى القرآن الكريم بهذا الخصوص.
الملائكة تهدي المؤمن إلى طريق الصواب، فإذا كانت علاقته بالله جيدة وقوية فإنه يستطيع بنفسه اكتشاف طريقه.
وقد أطلق القرآن الكريم (الهداية) على هذا النوع من الالهام، أي العناية الخاصة من الله، ورد في أول سورة البقرة:
(بسم الله الرحمن الرحيم * الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين). هذا القرآن الذي ليس فيه شك ولا شبهة، يهدي الأشخاص المتقين.
وفي نفس هذه السورة يقول: (هدى للناس)(1).
يعني ان القرآن هادٍ للجميع.
(إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً).
النبي جاء لهداية الجميع، أما الهداية المذكورة في أول سورة البقرة فهي تعني الالهام، تعني العناية الخاصة من الله، وفي موضع آخر يقول:
(قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)(2).
إن الله وبواسطة هذا القرآن يهدي الإنسان إلى طريق السلامة ولكن ليس كل الناس وإنما تخص الهداية الناس الذين رضي الله عنهم والذين تشملهم رعاية الله، حيث ينقلهم من الظلمات إلى النور يتجلى نور الله في قلوبهم.
(ويهديهم إلى صراط مستقيم). فالله وبواسطة القرآن يبين لهم طريق الاستقامة، ذلك الطريق الذي ينتهي إلى الجنة.
هناك آيات كثيرة في القرآن تدل على ان للمؤمن إلهاماً. وان له خطورات يستطيع بواسطتها تمييز الحق عن الباطل والباطل عن الحق، وبتعبير القرآن يستطيع ان يكتشف طريق السلامة.
عادة مثل هؤلاء الناس لا يصلون إلى الطريق المسدود، وكلما كانت علاقتهم بالله أقوى كلما ازدادت هذه الالهامات.
الإمام السجاد (ع) يقول لزينب المظلومة (ع): (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة).
أي أنت عالمة لم تري معلماً وفاهمة لم تتعلمي ذلك من أحد. أي ذلك إذ وصلت إلى مقام حيث يكون ذلك بواسطة تجلي نور الله، بواسطة الخطرات من عالم الغيب ومن عند الرحمن، هذا فيما يتعلق بالمؤمن.
خطرات الشيطان:
أما إذا كان ارتباط الإنسان بالله ضعيفاً، أو كان فاسقاً والعياذ بالله أو كان ممن يقترفون الذنوب، أو كان كافراً والعياذ بالله، فكلما كان سقوطه وانحطاطه أكثر، فسوف تكثر خطرات الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وتؤثر به خواطر السوء من رفيق السوء، ويبتلى برفيق السوء أيضاً.
(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم)(3).
الشياطين يوحون ويلهمون أنصارهم من الفسقة والساقطين ليأتوا لجدالكم. وجاء في آخر سورة من القرآن:
(بسم الله الرحمن الرحيم * قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس)(4).
اللهم أعوذ بك، ويكرر ذلك ثلاثاً من شر الوسواس ومن شر الخناس، يعني من شر ذلك الذي يتلاعب بقلب الإنسان بواسطة الخطرات فيقلب قلب الإنسان، ويشوقه إلى ارتكاب الذنوب.
وأحياناً يفعل ذلك الشيطان، بل ذلك فعله، لقد سمعتم بوسوسة الشيطان، تلك هي الوسوسة، الوسوسة في اللغة تعني الهمهمة تعني الخطورات.
الشيطان يأتيكم ليدلكم على طريق الضلالة، ويبعدكم عن طريق السعادة وكذلك يضلكم رفيق السوء ويحجب عنكم طريق السعادة ويجركم نحو طريق الضلالة، ويأتي بأسلوب غير محسوس ليدخل قلب الإنسان وعقل الإنسان وذهن الإنسان.
القرآن الكريم يذكر ان الوسوسة إنما هي لأولئك الذين ضعف ارتباطهم بالله:
(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين)(5).
يقول: ذلك الذي لا تشده إلى الله رابطة، ذلك الذي لا يؤدي الصلاة أول وقتها، ذلك الذي يغفل عن ذكر الله، يأتيه شيطان فيرافقه دوماً، وذلك الشيطان قرينه دوماً، وعمله هو ان يوسوس له ويلقي الضلالة في قلبه.
إذن من وجهة نظر القرآن، فهناك شيطان يعتري الإنسان الوسواسي وان كان لا يراه يرافقه في البيت والنوم واثناء الصلاة والوضوء والغسل، الشيطان معه في كل مكان، مع انه لا يرى ذلك الشيطان، وهو دائماً يتكلم معه، لكن كلامه معه هو انه عندما يتوضأ مثلاً يقول له الوضوء ناقص، أو أن هذا الوضوء باطل لأن الوجه لم يغسل صحيحاً، أو عندما يغتسل ويصل الماء على رأسه ورقبته يقول له الغسل غير كامل، ويشغله لفترة طويلة في عملية إتمام الإغتسال، وكلما كان قريناً وقريباً أكثر من ذلك الشيطان فسوف يطول وقت اغتساله أكثر.
هذه الخواطر التي تلقى في القلب على قسمين:
- فتارة تكون خاطرات مباشرة، أي يزين فعل الذنب بشكل مباشر ويجعل في اقترافه حلاوة. فيأمر بنظرة سوء، والغيبة والتهمة.
- وتارة تكون بصورة غير مباشرة، بطريقة الخناس، ومعنى الخناس الوسوسة مع التبرير وبعض الوسواسيين على هذه الشاكلة فلا يقولون عملنا حرام أو غسلنا باطل، بل يقولون غسلنا صحيح ولكن الناس نجسون ونحن طاهرون. وفي الوقت الذي يعد هو فيه أنجس الناس، يرى نفسه طاهراً وجميع الناس نجسين.
إذاً الوسوسة قسمان، الوسوسة والخواطر المباشرة التي تحث الإنسان على اقتراف الذنوب والآثام، والقسم الآخر وسوسة الخناس، أي الذي إضافة إلى الوسوسة يأتي بالدليل، ويبرر الأمر، أو كما يقول العامة (يخدعه بطلاوة القول) فيحرفه بواسطة الدين، وخطر القسم الثاني أشد من خطر القسم الأول فخطر الإنسان الوسواسي أكبر بكثير من خطر العاصي.
ذلك لأن العاصي يمكن ان يتوب ولكن الوسواسي لا يتوب حتى يكف عن تلك الحالة، وإذا لم يترك الحالة فإن الذنوب تتراكم حتى يسود قلبه ويصل إلى موضع شديد الخطر.
روي عن الإمام الصادق (ع): الوسواس مجنون، ولكنه مجنون يتبع الشيطان، انه مجنون دفعة واحدة فلا يصلي ولا يصوم ولا يهتم كما انه لا قضاء عليه أيضاً.
كان أحد الطلبة العلماء قد جُنّ. وترك الصلاة والصوم، وكنا نسأله لماذا لا تصلي ولا تصوم؟
فيجيب بعبارة جميلة (أخذ ما وَهب وسقط ما وجب) يعني ان الله أخذ عقلي فلم يعد علي تكليف.
الوسواسي مجنون ولكن ليس بذلك النحو، لأنه مكلّف، وتمام أعمال هذا المجنون المكلف تعود إلى الشيطان، وترتبط بالخناس.
ـ من هو الخناس:
ورد في الروايات ان الخناس شيطان عالم وكبير جداً، وعلى قول أحد العلماء الكبار بأن لكل شخص شيطان يناسب حاله، فالروحانيون لهم شياطين ولكنهم أساتذة الشياطين، وهذا الخناس من أساتذة الشياطين.
روي عن الإمام الصادق (ع) عندما ولد إبراهيم وعيسى (ع)، جمع الشيطان الكبير كل الشياطين حوله وقال ماذا نفعل، لأن نبي الله قد وُلد ولا يمكن إضلال الناس بعد. فقال الخناس: استطيع اضلالهم عن طريق الدين والوسوسة فيصيرون إلى النار.
ـ الوسوسة الفكرية:
تارة ترتبط الوسوسة بالقلب وخطراته ولا تتعلق بالأفعال ويسمى هذا النوع من الوسوسة الفكرية وهي موجودة بكثرة وهي تنشأ عادة من ضعف الإرادة. فعندما تضعف أعصاب الإنسان أو يتعرض للمصاعب، أو يرى مصيبة كبيرة، يصاب من الناحية الروحية بالوسوسة الفكرية، وهي على مراتب فتارة تكون بمستوى الشك والشبهة فقط، وتارة تشتد وترتفع حتى قد تصل ـ والعياذ بالله ـ موضعاً يسيء فيه القول على الله ويعتقد ان أفعال الله ظالمة.
ويبدأ يشك بالقرآن قليلاً قليلاً حتى يصل إلى وضع يشتم فيه (في قلبه) الله والنبي والأئمة والمقدسات، هذا نوع من الوسوسة الفكرية وتوجد أنواع أخرى منها تتعلق بدنيا المرء وأعماله أو بعلاقته بالناس كسوء الظن مثلاً، ما هو محل حديثنا هو الوسوسة الفكرية فلابد من ذكر العلاج، وعلاجها سهل جداً، وهو ان يصرف نفسه كلما أتاه ذلك الشك، مثلاً كلما شك فعليه أن لا يحسب لذلك حساباً ولا يعطيه أهمية ما يتكلم مع أي كان، أو أن يأخذ شيئاً ويأكله ويصرف نفسه عنه وعلى هذا المنوال ولن يطول الوقت حتى يختفي هذا الشك رويداً رويداً.
روي عن الإمام الصادق (ع): لا تعتنوا بهذا الخبيث أعني الخناس ولا تمكنوه منكم وسوف يولي عنكم إذا لم تبالوا به ولن يعود إليكم، فإن تجاوبتم معه أقبل عليكم.
وروي عن الإمام الصادق (ع) يستند إلى أصل قرآني: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون)(6).
بعد تكرار التأكيد مما يعرفه أهل العلم جيداً يقول تعالى:
ان الشيطان ليس له سلطان على الإنسان، ولكن أي إنسان؟
ذلك الإنسان الذي لجأ إلى الله واستعاذ به، ذلك الإنسان الذي قد أحكم ارتباطه بربه، يتسلط الشيطان على الإنسان عندما يقف تحت رايته، أي أنه عندما يسعى نحو الشيطان فإن الشيطان يقبل عليه.
أما إذا ترك الإنسان الشيطان وأهمله، فليس للشيطان عندئذٍ أثر على الإنسان، إذا وقف الإنسان تحت راية الله فإن الشيطان يخشى الاقتراب لقد وعد القرآن بأن الملائكة يبعدون الشياطين عمن عزز ارتباطه بالله! (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله).
يعني ان من ألطاف الله الكبيرة أن جعل ملائكة مأمورين موكلين بحفظكم من شرور الدنيا، ومن شرور الجن ومن شرور الشياطين، وعلى هذا فإن أحكمتم علاقتكم بالله فإن الشيطان سيكون عاجزاً عن متابعتكم، من هنا فإذا لم تبالوا به فإن الشك والشبهة سيرتفعان من أذهانكم، ولا يعودان إليكم.
زار شخص النبي (ص) وقال: يا رسول الله هلكت وعدمت.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله ألأن الشيطان جاءك وقال لك من خلقك؟ فقلت: الله فقال ومن خلق الله؟ فعجزت عن الجواب. فقال الرجل: نعم، فقال النبي إذا عرض لك شك مثل هذا فقل (لا إله إلا الله) واصرف نفسك عن ذلك.
كلمة (لا إله إلا الله) وكلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) وقراءة القرآن وصيام شهر رمضان المبارك والصلاة أول وقتها علاج فعال لرفع الوسوسة.
هذا إذا كان الأمر في بدايته، أما إذا أصغى لكلام الشيطان، فكلما سمعه أكثر يترسخ في قلبه أكثر. حتى يترسخ في قلبه الشك الأول والثاني و.. وهكذا، فيصل حالة والعياذ بالله يسيء فيها الظن بالله، ويعتقد أن الله ظالم وهذا علاجه عدم الاعتناء أيضاً.
حتى ولو ذكر النبي الأكرم (ص) بسوء، حتى لو خطر بقلبه ان الله ظالم وليس بعادل. فعليه أن لا يهتم ولا يؤذي نفسه ويقرأ قليلاً من القرآن وإذا كان الأمر يتعلق بالنبي والأئمة الطاهرين (ع) فليصل عليهم.
وقد ورد في كثير من الروايات ان الإكثار من الصلاة على النبي (ص) يرفع الوسوسة وتتلاشى هذه الوسوسة وتزول وليقو ارتباطه بالله، ويصلِّ الصلاة لوقتها وليهتم بالواجبات وخاصة الحجاب بالنسبة للنساء، وان يهتم بالمستحبات ما لم تزاحم عمله، ويصلي صلاة الليل، ويقرأ القرآن، يدعو الله ويتوسل له، ويساعد الناس، ويعين الزوج زوجته،، وتساعد الزوجة زوجها وخدمة المسلمين، والأهم من ذلك اجتناب الذنوب، وكلما كان اجتنابه أشد فان الوسوسة الفكرية ستزول شيئاً فشيئاً.
ولكن ذلك يحتاج إلى صبر وسعة صدر، شهراً أو شهرين أو عدة شهور فسوف يتحسن ويتمكن من اقتلاع أصل هذه الرذيلة.
وما يقوله بعض علماء النفس من ان الوسوسة الفكرية لا علاج لها. فأنهم حتماً مخطئون في ذلك، ذلك لأننا شاهدنا الكثير من الناس وقد أصيبوا بحالة الوسوسة الفكرية قد تحسنوا وتمكنوا من إحراق جذورها وتخلصوا منها بواسطة إهمالها وبواسطة الارتباط بالله.
نعم من الناحية الجسمية يجب أن ينظم نومه ويقوي أعصابه، وان لا يتشنج، ولا تتعرض أحاسيسه لصدمات، كل ذلك لازم ومؤثر جداً للتخلص من الوسوسة الفكرية.
ـ الوسوسة العملية:
أما الوسوسة العملية فهي تتفاوت في الأفراد. فعند غير المتعبدين تارة تكون في اختيار الثياب، فلا يعجبه مثلاً ان يلبس هذا الثوب ولا الثاني ولا الثالث وأخيراً فان أي بدلة يخيطها لا تعجبه، هذا نوع من الوسوسة العملية التي تلاحظ بكثرة في أوساط النساء، وتارة تكون الوسوسة في مجال النظافة، فترى بعض النساء والرجال من القذارة ان زجاج نوافذ بيوتهم قد اسود، وعندما تدخل البيت ترى حجابها سقط في جانب وثيابها في جانب آخر، وبنطال زوجها في جهة أخرى وتراها قذرة ومتهاونة بكامل المعنى، وتارة تجد آخرين على العكس من ذلك، يعني أن زجاج النوافذ نظيف جداً ويستنزف تنظيفه جُل وقتهم، ويكثرون من أعمال الكنس والتنظيف حتى يصابوا أخيراً بوسواس النظافة، وتارة في أوساط المتمدنين والمثقفين تجد الوسوسة من المكروب، فإذا مست يده ثيابه، طهر يده بالكحول، أحد الأطباء يفحص مائة مريض ويكتب مائة وصفة طبية فيغسل يده مائة مرة، وقد يصل به الأمر ان يقطع الخُبز بالسكين.
أما في مجال التدين: فقد تجد بعض المسلمين على درجة من اللامبالاة حتى أنهم لا يفرقون بين الماء والبول ولا بين الدم والمركروكرم ولا يعتني بالطهارة أو النجاسة مطلقاً، وبعضهم يصل به الحال ان لا يكتفي بغسل يده بل يدعك يده ويغسلها ويواصل ذلك حتى يجرح يده ويدميها.
أحد الأشخاص قال لي منذ أذان الصبح وحتى آخر وقت صلاة الصبح لم أتمكن من اكمال الغسل وقد فاتتني صلاة الصبح، وقد خجلت من صاحب الحمام فذهبت إلى حمام آخر وقد أتممت غسلي قبل الظهر وبعد مرور سبع ساعات، هذا في الدنيا وفي الآخرة لا يجني شيئاً سوى الخسران. وعلى مثل هذا الشخص أن يعلم وطبقاً لقول الإمام الصادق (ع): أولاً انه مجنون، وثانياً أن عمله هذا معصية، ومعصية كبيرة أيضاً. وثالثاً بأن الخناس ألجأه إلى ذلك العمل وقد أصبح الشيطان قرينه.
ـ علاج الوسوسة الفكرية والعملية:
وماذا يجب أن نفعل الآن للتخلص من الوسوسة؟ عند الاعتناء بالشك فإن الحالة سوف تسوء يوماً بعد آخر. أما إذا أهمل الشك. مثلاً عندما يضع يده النجسة تحت ماء الماسورة، فيجب أن يعمل بقول مرجع التقليد والذي بقول طهرت لا أن يعمل بقول الشيطان الخبيث، أو عندما يتوضأ يغسل وجهه بكف من الماء وبكف آخر يغسل يده اليمنى ويريق كفاً على يده اليسرى فيغسلها، ثم يمسح رأسه وقدميه ويكمل وضوءه في مدة لا تزيد على نصف دقيقة فان سمع أحداً يقول لم يتم الوضوء، ان ينتبه ان القائل إنما هو الشيطان. الشيطان يقول لم يتم ولكن قل أنت لقد تم وقل ان مرجع تقليدي يقول لقد تم.
المرحوم آية الله العظمى المرعشي ـ ذو الدرجات العالية أعلى الله مقامه ـ كان يمتاز بصفة انه يضع الكثير من اللوازم الضرورية أمامه ومن جملتها قمقمة ماء، كان في مجلس له عند الغروب، وعندما حان وقت الصلاة وعليه ان يذهب إلى الحرم المطهر لأداء الصلاة. أخذ ماء القمقمة وغسل وجهه بكف من الماء وكذلك يده اليمنى واليسرى ثم مسح وأكمل الوضوء في وقت قصير.
مؤسس الحوزة العلمية في قم المرحوم الحاج الشيخ الحائري (أعلى الله درجاته) كان قد جاء إلى المدرسة الفيضية، أخذ قليلاً من ماء حوضها وغسل وجهه وأراق كفاً على يده اليمنى وكذلك اليسرى ثم مسح رأسه وقدميه.
والغسل أيضاً يجب ان يكون كذلك خلال دقيقتين أو ثلاث يغسل رأسه ورقبته ويمينه ويساره، وان يتجاهل الخناس. وعلى قول أستاذنا الكبير المرحوم آية الله العظمى البروجردي ـ رضوان الله عليه ـ. لتقولوا (أصلي صلاة باطلة قربة إلى الله)(7). وعندما يكون قد صلى صلاة باطلة عدة أيام يفهم كم انه كان مجنوناً، ويشكر الله على خلاصه من حالة الجنون تلك، وكذلك عدة أغسال باطلة أو وضوءات أو صلوات كذلك وعندما يفهم بطلان صلاته. فيجب عليه أن لا يتأثر بالخناس، وألا يبالي بالطهارة.
وسوف لن يطول الوقت حتى يتحسن ويتضح انه ينال الثواب بمجرد عدم الاعتناء بالخناس.
هذه هي وظيفة الوسواسي، سواء كانت وسوسة فكرية أو وسوسة عملية، ولن يمر الوقت حتى يتحسن حاله.
نرجو من الوسواسيين الفكريين والعمليين أن يعتنوا بكلام الله وان لا يقعوا تحت راية الشيطان، وان يلطموا الشيطان على فمه ويخالفوا قول ذلك الخناس.
==========================
الهوامش:
(1) سورة البقرة، الآية: 185.
(2) سورة المائدة، الآيتان: 15 و16.
(3) سورة الأنعام، الآية: 121.
(4) سورة الناس، الآيات: 1 ـ 6.
(5) سورة الزخرف، الآية: 36.
(6) سورة النحل، الآيتان: 99 و100.
(7) أقول: طبعاً هي لن تكون صلاة باطلة وإنما عبر الشيخ الحائري (ره) بذلك إشارة إلى صحة النية والصلاة حتى لو قال الإنسان في نفسه ذلك إذ النية أمر قهري إذ هي الدافع الواقعي الذي يحدو الإنسان للقيام بالعمل وهي لا تتأثر بما يخطره في باله أو يورده على لسانه.
==========================
من كتاب ( الفضائل والرذائل ) تأليف الاستاذ/ المظاهري
شبكة أخلاق أهل البيت الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رذيــــــــلة الوسوســـــة - السيد علي القاضي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات النور :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: